بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : (طَهَ ما أَنزَلنا عَلَيكَ القُرآَنَ لِتَشقى)
تفسير السعدي :
ليس المقصود بالوحي، وإنزال القرآن عليك، وشرع الشريعة، لتشقى بذلك، ويكون في الشريعة
تكليف يشق على المكلفين، وتعجز عنه قوى العاملين. وإنما الوحي والقرآن والشرع، شرعه الرحيم الرحمن،
وجعله موصلا للسعادة والفلاح والفوز، وسهله غاية التسهيل، ويسر كل طرقه وأبوابه، وجعله غذاء للقلوب والأرواح،
وراحة للأبدان، فتلقته الفطر السليمة والعقول المستقيمة بالقبول والإذعان، لعلمها بما احتوى عليه من الخير
في الدنيا والآخرة،
فالقرآن هو حياة القلوب و أنسها و سعادتها في هذه الدنيا , فكم أعطيناه من وقتنا ؟
تمضي 24 ساعة كل يوم , قد تضيع علينا أو قد نخطط لها و ننظم وقتنا فيها
فكم من الوقت خصصناه للقرآن الكريم قراءة , حفظا , تلاوة ؟
و هل أقلبنا على قرائته و حفظه بحب و شوق ؟
نحتاج نراجع أنفسنا و نحاسبها , و القرآن الكريم تلاوته بتدبر يحتاج لقلب نقياً , متفرغ ,
لا يشغله شيء من أمور الدنيا , هنا يشعر بجمال القرآن الكريم و في كل آية يجد فيها
معنى مختلفا لم يكن يدركه من قبل ..
ما كان لأمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أن يقول مقالته البليغة :
« لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام الله » [1] إلا وقد حقق ذلك عملاً وسلوكاً .
فما مات عثمان حتى خرق مصحفه من كثرة ما يديم النظر فيه ،
ونعتته زوجه - رضي الله عنها - فقالت : « فو الله ! لقد كان يُحيي الليل بالقرآن في ركعة » [3] .
يالله ! متى نصل و لو لشيء بسيط مما وصلوه رضوان الله عليهم , و نشعر بما كانوا يشعرون فيه عند تلاوة القرآن الكريم ..
نحتاج لنجتهد على أنفسنا و يكون عندنا صدق في القلب بأن يرزقنا الله تدبر القرآن حق تدبره و الإقبال عليه بحب
و نقضي كثيرا من أوقاتنا برفقته و يكون هو أنسنا و سعادتنا و حياة قلوبنا ..
قال ابن مسعود رضي الله عنه :
من كان يحب أن يعلم انه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن
فمن أحب القرآن فهو يحب الله فإنما القرآن كلام الله ..~