عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر » قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: { إن قرآن الفجر كان مشهودا} [متفق عليه]
وقال صلى الله عليه وسلم : « لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها » [رواه مسلم]..
يعني الفجر والعصر.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من صلى البردين دخل الجنة » [متفق عليه]..
والبردان هما الفجر العصر.
ابن حجر: قال العلماء: ووجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين عند الرؤية، أن الصلاة أفضل الطاعات، وقد ثبت لهاتين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيهما، ورفع الأعمال، وغير ذلك، فهما أفضل الصلوات، فناسب أن يجازي المحافظ علهما بأفضل العطايا، وهو النظر إلى الله تعالى..
وعن عثمان بن عفان- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله » [رواه مسلم].
ولا ينقطع الفضل بانقضاء الصلاة، ولا ينتهي بانتهاءها..
لكنه ما يزال في أجر عظيم وفضل كبير، تحيطه عناية الله، وتستغفر له ملائكة الله.. فعن علي- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من صلى الفجر ثم جلس في مصلاه صلت عليه الملائكة، وصلاتهم عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه » [رواه أحمد].
فإذا ما قويت عزيمته، وغلب نفسه، وجلس حتى تشرق الشمس فقد فاز بأجر حجة وعمرة.. فعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة »[رواه الترمذي وصححه الألباني]..
ولا تزال البشائر تتوالى عليه، ولا يزال حفظ الله تعالى مبذولا إليه..
فعن جندب بن عبد الله- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم » [رواه مسلم].
الله أكبر..أرأيتم كم للمحافظ على هذه الصلاة من خير وفضل..
وكم يضيع المتخلف عن صلاة الفجر من عظيم الأجر..
نعم..إنه لا يحرم من هذا الفضل إلا محروم..
ويا ليت الأمر ينتهي عند التفريط في الفضل، والحرمان من الأجر، ولكن يترتب على التهاون في الصلاة مزالق عظيمة، وعواقب وخيمة..
فعن سمرة بن جندب- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رؤياه التي رآها فقال: "إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما قالا لي انطلق وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتهدهد الحجر هاهنا فيتبع الحجر ويأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه يفعل به مثل ما فعل المرة الأولى، قال: قلت لهما: سبحان الله! ما هذا؟ قال: قالا لي انطلق، قال: فانطلقنا.. وفي آخر الحديث قال صلى الله عليه وسلم : « قالا لي: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة» [رواه البخاري].
وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم : « يفعل به ما رأيت إلى يوم القيامة » [رواه أحمد].
نعوذ بالله من شديد غضبه، وأليم عقابه..
ثم إن التهاون في أداء الصلاة مع الجماعة من علامات النفاق..
صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر يوما ثم قال : « أشهد فلان الصلاة؟، قالوا: لا، قال: وفلان؟، قالوا: لا، قال: إن هاتين الصلاتين من أثقل الصلاة على المنافقين ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا » لحديث [رواه النسائي].
وفي الصحيحين عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، لقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم ثم آمر رجلا يؤم الناس ثم آخذ شعل من نار فأحرق من لا يخرج إلى الصلاة بعد" وفي حديث آخر: "والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء » [متفق عليه].
وذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام حتى الصبح ولم يصل فقال :« ذاك رجل بال الشيطان في أذنه » [متفق عليه].
والأخطر من ذلك أن من أهل العلم من يرى أن من تخلف عن صلاة الفجر حتى يخرج وقتها متعمدا فقد كفر- استنادا على ما ورد من الأحاديث..
وبغض النظر عن رجحان هذا القول من عدمه، ولكن يكفينا شدة أن نعلم أن العلماء قد اختلفوا في ذات إسلام من فرط في صلاة الفجر عامدا حتى يخرج وقتها.
نسأل الله تعالى العفو والعافية..